Saturday, June 2, 2007

مختارات من ديوان (بروتوكولات حكماء ريش) للعظيم نجيب سرور

من قصيدة (احباطات شعرية)..الاحباط الخامس..
حين ترون الموت الأسود..
الطاعون..بأى مدينة..لا يدخل باب مدينتكم للموت مغامر..
لا يخرج من باب مدينتكم أى مهاجر..فالموت الأسود لا يجدى منه هرب..
لا يعصم منه الطب..
لا تجدى الحيلة حين يغوص النصل المسموم بقلب!
لا يجدى السيف المدفع..
لا تجدى الحرب!
لا يجدى غير الصبر الاصرار الصمت..
والمكر بكل صنوف المكر!
ليس يفل الشر..
غير الشر..
(الاحباط الخامس محبط..
فليعبر من غير هوامش!!)

من قصيدة (بروتوكولات حكماء ريش)..البروتوكول الاول..
لا تقرأ شيئا..كن حمال حطب..
واحمل طن كتب..
ضعه بجانب قنينة بيرة..
أو فوق المقعد..
واشرب..وانتظر الفرسان..
سوف يجئ الواحد منهم تلو الآخر..
يحمل طن كتب!
من (البروتوكول الثالث)..
قل "فى الواقع"..واصمت لحظة!
قل "لا شك"..
واصمت لحظة!
ثم مقدمة محفوظة..
من فذلكة "المنهج"..
حسب الموجة والتيار..
فالبحر سباق..
والموجات ألوف..
"الموجة تجرى ورا الموجة..
عايزة تطولها!"
من (البروتوكول السابع)..
الحق أقول لكم..
لا حق لحى ان ضاعت..
فى الارض حقوق الاموات..
لا حق لميت ان يهتك..
عرض الكلمات!
من قصيدة (الخطوط الوهمية فى المسألة البروتوكولية!!)..
ثمة نكتة..
تحكى فى بلدى عن كاهن
يحفظ عن ظهر القلب..
كل نصوص الناموس..
ويتيه على الصم البكم العميان..
- كاهننا يعرف كل الاشياء..
- ويتيه بكل الاشياء..
علما..ولديه الحيثيات..
- لذلك لا يسأل عن شئ..
وخصوصا من غير المفهوم من الاشياء..
- فاذا قال فيكفى ان الكاهن يعلم..
- واذا علم الكاهن ليس ضروريا ان نعلم..
قال الكاهن فى مجلس علم..
وبكل برود الواثق فى علمه..
- كان اللون الاحمر..
لون الذئب الآكل يوسف!
- يا مولانا ان الذئب..
برئ..لم يأكل يوسف..
وينص كتاب الله!
قال الكاهن ببرود "الكوهين"..
- ليكن هذا لون الذئب..
بريئا..لم ياكل يوسف!
رضى الصم البكم العميان..
حمدوا الله على علم الكاهن..
بشروح متون الالوان..
حتى فيما ليس بوارد..
فى توراة..او انجيل..او قران..
"استنبط العرب لفظا وانبرى نبط
يخاطبونك من افواه أعراب"!
انت فهمت اللعبة..
فالعب ان اللعبة غش..
فكر منذ الان بأكل العيش..
كل الناس "قريش"..
واذا كان الموت طريق القديسين..
كن "أمويا"..كن مأبونا..لكن عش..
اذ لا فرق بجوف القبر..
بين عظام الليث وبين عظام الكلب!
من نفس القصيدة..
لو كان ابن الخطاب التفت وراءه..
لاهتز المسجد رعبا..سقط الخنجر..
من سروال القاتل فى ارض المسجد..
لكن ابن الخطاب يصلى..
ويؤم صلاة..ويكبر..
ويقول "الكلمة"..
والوجه الى المحراب..
والقلب..العين هناك فى ملكوت الله..
والكهان القتلة خلفه..
والصف وراء الصف كما لو..
انهمو حقا جاءوا لصلاة..
جاءوا فى الاقنعة كما جاء الخنجر..
بجراب القاتل لؤلؤة وبالسروال..
جاءوا فى الموعد مع سبق الرصد..مع الاصرار..
كان الاجماع على الطعنات المسمومة..
فى وجه الظهر!
- امثال ابن الخطاب لهم اعين..
ووجوه حتى فى الظهر..
امثال ابن الخطاب يرون الكون..
فى غمضة عين حتى لو كانوا عميانا..
امثال ابن الخطاب يرون الله الكلمة
الانسان الحكمة فيرون الكل..
ولهذا كان ابن الخطاب يرى
من تحت السروال الخنجر
ويرى القتلة
من اخر كوهين فى اخر صف
ولهذا ما التفت وراءه
فهو يصلى
ويؤم صلاة..ويكبر
ويقول الكلمة..
والكلمة ابدا لا تسقط
من طعن الخنجر
الكلمة عهد مربوب ومقدر
مكتوب ليتم المكتوب
لا تجبن ابدا للشهداء امام الموت قلوب
والى الله الكلمة تصعد
حتى تكون مع الكلم الطيب
لو ان ابن الخطاب التفت وراءه
وادار الى المحراب الظهر
وتملى فى الكهان قليلا
فى الصف وراء الصف
وعلى لؤلؤة القاتل ثبت نظرة صقر
لتغير وجه التاريخ وظهره..
هذا جائز
لكن ما الجدوى والكملة
فى هذا الجائز ما تمت؟!
يا لؤلؤة الاعمى
اطعن ظهر ابن الخطاب المبصر
اطعن..اطعن..اطعن
وسقتلك القتلة
حتى لا تفشى السر..
اطعن فابن الخطاب القديس
لن يلتفت وراءه
فهو يصلى
ويؤم صلاة ويكبر
ويقول "الكلمة".
متفرقات من الديوان..
* يا كمية لحم عبئ فى السروال الضيق
والقواد التابع خلفك..يحمل لحية!
* يا أيتها المومس من رهط يهوذا..
ان القوم عطاش..
وجياع للجنس..
فانتخبى الليلة ثورا من "ثوار" الامس!
* لا تقتل..بدء وصايا عشر..
يقصد موسى..
"لاتقتل الا..غير يهودى"!
* ها انت الان افندى بالمقلوب
ظاهر بدلتك بطانة
باطن بدلت خيانة
فادخل فى اية خانة!
* لم تعشق يا قلب سواها
لم تحلم الا برضاها
لم تنبض الا بهواها

عن نغم مصري..وسط البلد..واشياء من هذا القبيل!



شهدت الفترة الماضية تغييرا كبير علي اهتمامتي الموسسيقية او ما احب ان اسميه (مذهبي الموسيقي) وهو امر وان بدا للبعض امرا تافها (كعادة الاغلبية الاثيرة بالنظر للفن والمزيكا باعتبارها حاجات هايفة لاقيمة لها) الا انه امر هام جدا بالنسبة لي وخاصة اننى لاحظت وبشدة انصرافى عن كثير من انواع المزيكا التى اعتدت ان اسمعها طوال حياتي بل اننى عندما حاولت (مجبرا) ان اشاهد ولو قليلا قنوات الاغاني التى طالما دافعت عنها شعرت بتقزز شديد من مستوى الكلمات والالحان والاداء..لم اخذ الامر فى البداية على محمل الجد باعتبارى من اكبر مغيري الاراء وخاصة فى الموسيقى..فالامر الطبيعي ان لدى عشرات المطربين المفضلين ويتأرجح حبي لهم ومتابعتى وسماعى لاعمالهم حسب الفترة و(المود)..ولكن مع مرور فترة ليست بالقليلة مع استمرار انجذابى نحو ما احب ان اطلق عليه (الموسيقي المصرية الجديدة) ادركت انه امر كنت ابحث عنه لفترة طويلة وتعلقي به الان ليس انجذابا وقتيا على قدر ماهو انجذاب شخص وجد ضالته!


الموسيقى المصرية الجديدة كما اطلقت عليها..متمثلة فى فرق الشباب وعلى رأسهم "نغم مصرى" و "وسط البلد" هم الموسيقيين الذين حملوا على عاتقهم انتاج فن جديد..شديد المصرية..شديد القرب من القلب..بالحان عصرية ليست مستهلكة..شباب راهنوا على الفكرة قبل ان يراهنوا على الشهرة والمال..اختاروا ان يعطوا ظهورهم للرداءة والتدني ومخاطبة المستويات المنحطة وهى اسهل طرق الشهرة حاليا وتوجهوا للطريق الاصعب..طريق التميز ومخاطبة العقول والقلوب..العقول التى تعشق هذا والوطن والقلوب التى تتمنى ان ترى مزيكا حقيقية..مزيكا تعبر عنا وتبتعد بنا ولو قليلا عن السطحية التى اصبحت السمة المميزة لتعاملنا مع كل الاشياء بشكل عام ومع الفن بشكل خاص.

واهم ما يميز هؤلاء الشباب هو الخصوصية الشديدة..خصوصية الفريق التى تجعل كل منهم يقدم موسيقى مميزة جدا يمكنك بسهولة ان تميزها عن موسيقى الفرق الاخرى..بل وخصوية الاغنية الواحدة فعندما تستمع مثلا الى 10 اغانى لنغم مصري ستجد 10 مواضيع مختلفة..10 حالات متكاملة من موسيقى محببة وكلمات مثيرة للتفكير واداء اكثر من رائع للتراث..هل هناك متعة من ان تستمع فى حفل واحد لكلمات احمد فؤاد نجم وصلاح جاهين وفؤاد حداد والحان الشيخ امام وغيره بمعالجات شديدة العصرية وشديدة الشعبية (شعبية من النجاح وليس من التدنى!) لتخرج فتجد نفسك تحفظ الاشعار بل والالحان..هذا التفرد هو ما يجهله المغنيين المشاهير فى هذا الزمن..ولا يعرفه كاتب الاغاني الذى يكتب شهريا ما يزيد عن 20 اغنية وكأنه ينتج احذية وليس كلمات من المفترض ان تتعامل مع وجدان الجماهير!
عندما يتحدث نغم مصرى عن انفسهم بلسان الشاعر العظيم احمد فؤاد نجم فى اغنية (هنغنى) يقولون:

هنغنى ودايما هنغنى..ونبشر بالخير ونمني
ونلف الدنيا الدوارة..على صوت النغمة الهدارة
هو احنا كده وهنبقى كده..ماشيين عارفين..مع مين على مين..دايما واضحين مش بين ده وده
الشارع بيتنا وغنوتنا..والشارع اعظمها مغنى
من لحم الشارع غنوتنا..على لحن الشارع هنغنى
وان جعنا شبعنا بتتقضى..مانبعش الكلمة بميت فضة
هو احنا كده وهنبقى كده..ماشيين عارفين..مع مين على مين..دايما واضحين مش بين ده وده
منتهى الرقي فى الكلمة والتعبير والاداء..انصحكم بمشاهدتها على الرابط التالي:
وعندما يصفوا الشارع المصرى من كلمات العملاق صلاح جاهين يقولون:
النور ملو الشوارع..ومليون راديو والع..الساعة اتنين صباحا..لكن ايه الموانع
والخلق رايحة جاية..والدنيا لسه حية..فى الساعة اتنين صباحا
واحد بيقول لواحد..خليك ياعم قاعد
التانى يقوله شكرا..دانا م المغرب مواعد
فى سهرة لسه عندى..فى بيت فلان افندى
هناكل حاجة حلوة..ونشرب تمر هندى
*******
واللى يقول يا جماعة..واللى يقول يا بهايم
ومطرب الاذاعة..يصرخ وف وجده هايم
ولو طرطقت ودنك..فى وسط دى العظايم
تسمع مسحراتى..بطبلة صوتها واطى
بيقول اصحى يا نايم!
والخلق رايحة جاية..والدنيا لسه حية..فى الساعة اتنين صباحا
اما مع "وسط البلد" فالامر مختلف قليلا..فهم يقوموا فى الاغلب باداء اغانى حديثة الكتابة بالاضافة بالطبع لاداء بعض اغانى التراث بموسيقى حديثة كاداءهم لروائع سيد درويش (حرج عليا بابا) و(خرالمبو "خلاص") ورائعة عبد الحليم حافظ وعبد الرحمن الابنودى (عدى النهار) بموسيقا مختلفة تماما عن الاصل..موسيقا تحافظ على الكلمة بل وتمنحها روحا عصريا جعلت كثير من جمهور الشباب الذى لم يستمع للاصل يحفظ الكلمات ويرددها..اما اغانيهم الشخصية فتحمل روح الشارع..روح مصر ووسط البلد..فعندما يتحدثوا عن الوحدة الوطنية يقولون:
لسه فاكر عم مينا..عم مينا بتاع زمان
المقدس اللى كان بيفوت علينا بالامان
جيبه مليان بالحلاوة والبلح
وعيونه ملية الكون حنان
عم مينا وشيخ امين
الله عليهم لما كانوا بيضحكوا على نكتة واحدة
مش مهم مين يقولها..المهم النكتة حلوة
واللى اجمل..واللى احلى..ضحكة طالعة من روحين
عم مينا وشيخ امين
شوف حروف الاسم حتى..مينا نفس حروف امين!
هذا ما يمكن ان تطلف عليه اغنية متكاملة تحمل فكرة ومفاجأة لفظية ولحنية وفى منتهى التكثيف..موسيقى يجب احترامها!
والامثلة كثيرة وكثيرة لا استطيع حصرها..لكن كل ما استطيعه هو ان اعلن اعجابى واحترامى الشديدين..بل واعتناقى لهذه الموسيقى (ان جاز لى التعبير)..ولكن وسط كل هذا اجد من يتهمنى بالسخافة!! كيف اجرؤ واترك عظام المطربين تامر حسنى وعمرو دياب ورامى صبرى وروبى وهيفا لاسمع هذه الموسيقى الغريبة!!
هم يعتبرونه اتهام..وانا اراه امرا يدعوا للفخر!! وان كان اتهاما..فانا فخور به..وان كان ذنبا..فانا سعيد بارتكابه!