Saturday, May 30, 2009

نادي الزمالك..شكرا


"الشعب المصري غير ناضج وغير قادر على ممارسة الديمقراطية بشكل سليم" – أحمد نظيف رئيس وزراء مصر "بتصرف"


قررت منذ عدة أيام أن تكون تدوينتي التالية عن الرياضة. وبالتحديد عن نادي الزمالك باعتباره النادي الذي أعشقه منذ الصغر أولا. ولأني أرى فيه صورة مصغرة للوطن بما يحتويه من مشاكل وصراعات وشخصيات مختلفة الطباع والميول والأهداف، وما يعيشه من فترات عدم استقرار يختلط فيها الصالح بالطالح وتضيع فيها مصلحة الكيان الأكبر. على العكس تماما من الصورة اللا درامية واللا إنسانية (والغير حقيقة) التي تتعمد إدارات النادي الأهلي تصديرها للمتابعين باعتبارها المؤسسة الفاضلة التي يحكمها مجموعة من الأنبياء والقديسين الذين لا يأتيهم الباطل من بين أيديهم ولا من خلفهم. الزمالك مؤسسة ثرية دراميا وإنسانيا، مغرية بالكتابة والتناول. ولهذا كان قرار الكتابة..


لأكون صريحا لم أحدد مرشحا للرئاسة لأتبعه خلال الفترة السابقة. وإن كنت ميالا بشكل أو آخر لكفة ممدوح عباس لأنه الوحيد الذي أقنعني بأن ترشحه لرئاسة النادي لا يقوم بشكل أساسي على مصلحة شخصية أو رغبة في التربّح. ولأني أراه يستحق فرصة يقود فيها النادي في ظروف مستقرة بعدما حصل منافساه على فرصتها من قبل كرؤساء منتخبين فأضاعا الكثير من حقوق النادي. كما أنه امتلك البرنامج الانتخابي الأوضح والأكثر طموحا. في الحين الذي اعتمد مرتضى منصور وكمال درويش في دعايتهما الانتخابية بشكل أساسي على الإساءة للمنافسين والطعن في ذممهم. وتمنيت أن يفوز ممدوح عباس بالرئاسة وأن يرافقه أعضاء قائمته تجنبا لما شهده النادي من قبل من مشكلات سببها اختيار الجمعية العمومية لمجالس إدارة ائتلافية اتفقت منذ اليوم الأول على ألا تتفق. وجهزت عدة عبارات في ذهني لأكتبها بعد الانتخابات وأهاجم بها مرتضى ودرويش أصحاب الصوت العالي والحجج الواهية. ولكن يوم الانتخابات أتى بما جعلني غير قادر على كتابة هذه العبارات. بل شعرت بالخجل على تفكيري وحكمي المسبق على الأمور.


فعلى مدار عدة أعوام استطاع الإعلام ومعه قرارات القضاء والمجلس الأعلى للرياضة أن يجعلوا كل المتابعين على يقين تام بأن نادي الزمالك غير قادر على استيعاب فكرة الديمقراطية. وبأن الجمعية العمومية غير ناضجة بالشكل الكافي لاختيار من يقود النادي بشكل شرعي. وتم إلغاء الانتخابات عدة مرات والاكتفاء بمجالس معينة غير شرعية تقاءا لشر هذا اليوم الذي سيتحول فيه النادي لساحة حروب ستسفر عن العديد من الضحايا سيكون على رأسهم الزمالك نفسه! (لاحظ تشابه الحالة بل وتطابقها على ما يتم تداوله على اختيار ديمقراطي آخر على مستوى أعلى)


ما يزيد عن 27 ألف عضو من أعضاء الجمعية العمومية للنادي تواجدوا بين جدران النادي ليدلوا بأصواتهم على مدار 11 ساعة تقريبا سمح فيها بالتصويت. جميع المرشحين تواجدوا من بداية اليوم وحتى نهايته وكلهم أمل في الفوز وكلهم توتر وشد عصبي بالطبع. وسائل الإعلام كذلك تواجدت وقامت ببث الانتخابات بشكل مباشر قضى على أي شبهة تلاعب أو تزوير. والنتيجة؟؟ أكبر جمعية عمومية في تاريخ أندية الشرق الأوسط بالكامل تختار ممدوح عباس وقائمته بالكامل ليديروا نادي الزمالك في السنوات الأربع القادمة، والانتخابات تدور في جو ديمقراطي رائع يوحى بقيمة الزمالك في صدور الجميع. والخاسرون يعترفون بهزيمتهم ويتمنون التوفيق لم وقع عليهم اختيار الأغلبية. أين المجازر والمذابح؟ أين المشاكل والخناقات؟ أين الإدارة الائتلافية؟ أسئلة كثيرة سألتها لنفسي وأنا في غاية الدهشة والإعجاب والفخر بهذه الصورة المبهرة التي خرج بها اليوم.


نحن أمام انتخابات حقيقية.. انتخابات تنافس عليها العديد من المرشحين الأقوياء امتلك غالبيتهم فرصا للفوز. انتخابات لم نشاهد فيها حزبا واحدا أو قائمة واحدة يتم فرضها قسرا على المنتخبين. انتخابات لم تعرف لفظ التزكية ولا لجنة الحكماء التي تختار من يحلو لها. انتخابات شاهدها الكل على الهواء لم يبدَل فيها صندوقا ولا أغلقت بها لجنة. انتخابات بمنتهى البساطة: تفرح!


شكرا ممدوح عباس وقائمته..شكرا مرتضى منصور وقائمته..شكرا كمال درويش وقائمته.. شكرا لكل المرشحين الآخرين.. شكرا لأعضاء الجمعية العمومية الحكماء من دون لجنة.. وشكرا لنادي الزمالك الذي منحنا الأمل، وعلّم هذا الوطن معنى كلمة الديمقراطية، وجعلنا نضع أصابعنا بكل ثقة في أعين كل من تسول له نفسه اتهام أبناء هذا الوطن بعدم النضج أو عدم القدرة على تحديد المصير.

No comments: